أخبار عاجلة

عود القمح عبرة لمن يعتبر

محمد عبد الحميد : يكتب 

‏بدأ موسم حصاده فى عود القمح عِبرةٌ لمن يعتَبِر.

يشق الأرضَ فيرى النور ويبصر الحياةَ عوداً أخضرَ ضعيفاً ينظر من حوله فيجد أخوته فى مثل سنه واقفين إلى جواره فى عزيمةٍ وثباتٍ ، هولايزال صغيراً على مواجهة الرياح لكنه عازمٌ على بلوغ هدفه وإيصال رسالة هامة مهما كانت التحديات فلن يفارق حياة أيامها معدودة قبل أن يعطينا الدروس والعِبر

كم من ليلةٍ قضاها مع جيرانه وإخوته وأبناء جيله من حوله وقد اعتاد الظلام الدامس وحوله إلى ليالى سمرٍوقد أوشك على بلوغ مرحلة الشباب واشتدعوده وزادت ثقته فى نفسه وزاد عزمه على بلوغ غايته وهدفه الذى خلقه الله تعالى من أجله
ربما قضى فى حياته ليالى طويلة عانى خلالها من بردٍ أو حرٍ أو عطشٍ لكنه غير مكترث بأى عائق يحول بينه وبين مايريد

كم من عصفورٍ حط يوماً على عوده أو على سنبلته التى بدأت فى التشكل حكى له عن رحلاته وتجواله وعن أشياء كثيرةٍ يراها كل يوم بينما لايستطيع هو أن يبرح مكانه ، وكم أعجب بصوت هذا العصفور فأنشدا سوياً أنشودة الحياة على هذه الأرض التى تعلم فيها أن يخدم نفسه بنفسه فلا اب ولاأم يهونان عليه مشقةَ حياةٍ يقف فيها مكانه ليتابع مايحدث من دائرة ضيقة لكنه من المؤكَد أنه يجهل عن هذه الحياة الكثير

كم من مرةٍ أتته الطيور وهى تطمع فى حَبٍ أو رحيقٍ فمابخل عليها يوماً بماوهبه الله إياه ، تتشكل حبات القمح فى سنبلته ويأخذ لونه فى الاصفرار وهو يدرك بذلك ان أيامه على هذه الأرض باتت معدودة لكنه غير نادمٍ على قرب مفارقته الحياة لأنه مارس غريزته وأدى رسالته دون ذنبٍ اقترفه ، صارعوده ضعيفاً وعماقريب سوف ينكسر وتذروه الرياح وتقطع جسده إلى أشلاء تبعثرها فى كل مكان لكنها فى المقابل سوف تنثر ذريته التى حملها على رأسه على مساحة كبيرة من الأرض وسوف يأكل منها الطير والحيوان والبشر

فى أيامه الأخيرة هاهو يودع أصدقاءه من طيرٍ ونخيلٍ وشجرٍ عاش حياته القصيرة بينهم ولم ترَ عيناه سواهم لكنه قبل أن يفارق الحياة يوصيهم بذريته التى ستخلفه على هذه الارض وقبل لحظاتٍ من انفصال سنبلته عن عوده النحيل ينظر إلى أبنائه الذين لم يغادروا السنبلة بعد ويوصيهم بحسن معاملة أصدقاء أبيهم والسير على نفس منهج الآباء على هذه الأرض لأنها الفطرةالتى فطره الله عليها

هكذا يحيا النبات ويعيش الحيوان على هذه الأرض من اجل هدف ورسالة وغريزة وفطرة فطره الله عليها فلا افسد النبات ولاالحيوان الأرض يوما ولاغيّرا من طبيعتها ولا من خصائصها ولاسكبا عليها شيئاًيفسدها كما فعلنا نحن البشر ، لم نسمع يوماً عن نباتٍ أو حيوان سببت غريزته تلوثاً لماء الأرض أو هوائها بل على العكس يأتى النبات والحيوان إلى هذه الأرض ويرحلون عنها تاركين إياها كما وجدوها إن لم يكن أفضل مماكانت عليه

ماحاد نبات ولاحيوانٌ يوما عن طبيعته ولاغلبه الكسل على غريزته ولاوضع لنفسه أهدافاً تحقق له الرفاهية بعيداً عن طبيعته التى خلقه الله عليها ولاهو فى حاجةٍ إلى قوانين تردعه عن سلوك إجرامى تسول له نفسه ارتكابه فى يوم من الأيام

يعالج النبات والحيوان فى أحيان كثيرة آثار أقدام وجرائم البشر الذين أفسدوا الأرض على أنفسهم وعلى غيرهم وفى النهاية يبقى السؤال مطروحاً مَن أكثر التزاماً على هذه الأرض ؟ ومَن يحيا عليها كما يجب ان تكون الحياة ؟ النبات والحيوان أم نحن البشر؟‏’

 

عن khalaf a

شاهد أيضاً

أكتوبر تاريخ لا ينسي..!

خلف الله الأنصاري يكتب:- يوم السادس من أكتوبر من كل عام تجمعنا ذكري انتصارات أكتوبر …

اترك تعليقاً